التربية الإعلامية: وعي جديد لعصر جديد

التربية الإعلامية: وعي جديد لعصر جديد

في عالمٍ باتت فيه المعلومة تُشارك قبل أن تُفهم، وأصبحت فيه الشاشات مرآتنا اليومية، لم يعد من الممكن أن نعيش الواقع الرقمي بوعيٍ قديم لقد دخلنا عصرًا جديدًا، تتشكل فيه المفاهيم، والمواقف، وحتى الهويات، من خلال وسائل الإعلام.

وهنا، تظهر التربية الإعلامية بوصفها  وعيًا جديدًا يفرض نفسه، ويمنح الشباب أدوات الفهم، النقد، والتفاعل الإيجابي مع هذا الواقع المعقّد.

 

ما هي التربية الإعلامية؟

التربية الإعلامية هي المهارات والمعرفة التي تمكّن الأفراد، وخاصة الشباب، من:

فهم المحتوى الإعلامي وتحليله نقديًا.

التعامل مع المعلومات المضللة  والتمييز بين الحقيقي والزائف.

إنتاج محتوى رقمي واعٍ ومسؤول

استخدام وسائل الإعلام بشكل آمن وفعّال

هي ببساطة: أن تكون قادرًا على أن ترى ما وراء الشاشة، لا فقط ما يظهر عليها.

 

لماذا أصبحت هذه التربية ضرورة اليوم؟

1. الانفجار المعلوماتي

نحن لا نفتقر للمعلومات، بل نغرق فيها. ومع وجود آلاف الرسائل يوميًا، يصبح من السهل الانزلاق خلف عناوين مضللة أو آراء غير موثوقة. التربية الإعلامية تمنح الشباب أدوات “الفلترة” والتمييز.

2. صعود الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية

في المجتمعات المتأثرة بالنزاعات والتغييرات الاجتماعية، تنتشر الإشاعات بسهولة. هنا، يلعب الوعي الإعلامي دورًا حاسمًا في حماية الشباب من الانجرار خلف تحريض أو تلاعب بالمشاعر.

3. المشاركة المدنية

الشباب اليوم ليسوا متلقّين فقط، بل منتجين أيضًا للمحتوى. ومع هذا الدور تأتي مسؤولية. فبدون وعي إعلامي، قد يتحول الإنتاج الرقمي إلى وسيلة للإساءة بدل التأثير الإيجابي.

4. الحماية الرقمية

من التنمر الإلكتروني إلى انتهاك الخصوصية، يواجه الشباب تحديات يومية على الإنترنت. التربية الإعلامية تعلّمهم كيف يدافعون عن أنفسهم، ويحترمون الآخرين.

التربية الإعلامية في السياق السوري

بالنسبة للشباب السوري، تتضاعف الحاجة إلى هذا النوع من التربية لأسباب خاصة:

بيئة معقّدة سياسيًا واجتماعيًا.

 تداخل المحتوى المحلي والدولي.

 فجوات في التعليم الرسمي وعدم وجود مناهج إعلامية محدثة.

 قلة منصات تثقيفية تشرح الإعلام بلغة بسيطة.

من هنا، يصبح الاستثمار في التربية الإعلامية استثمارًا في الاستقرار الفكري والاجتماعي.

 كيف يمكننا بناء هذا الوعي الجديد؟

1. ورشات ومبادرات محلية:

   مثل الورشات التي تقدمها المنظمات التعليمية والمجتمعية في سوريا أو عبر الإنترنت.

2. محتوى رقمي تعليمي مبسط:

   على منصات مثل “إدراك”، “مهارة”، أو حتى عبر حسابات سوشال ميديا موثوقة.

3. منصات مثل “مسار”:

   والتي يمكن أن تُسهم في نشر مفاهيم التربية الإعلامية عبر مقالات، قصص، وأدوات تفاعلية.

4. إدماج التربية الإعلامية في المدارس والجامعات:

   حتى ولو على شكل نشاطات أو مشاريع تطبيقية.

نحو جيل يرى ويُفكر

لم تعد التربية الإعلامية مجرد رفاهية أكاديمية، أو مادة تُدرّس في قاعات مغلقة.

إنها مهارة حياتية، بل شرط من شروط البقاء بوعي وسط بحر من الرسائل والصور والمعلومات.

الشباب السوري يستحق أن يكون مجهزًا لا فقط بالأدوات، بل بالبوصلة.

وبوصلة هذا العصر الجديد تبدأ بـ  التربية الإعلامية.

موضوعات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *